رسوم الأطفال ومعانيها الرمزية التقليدية
وهي تعبر عادة عن رموز اللحظة التي رسم فيها وعن انفعالات تلك اللحظة, وهي ترمز عموما إلى سمات بالشخصية ولا يمكن أن يعتمد عليها للإشارة إلى أعراض مرضية أو سواها, ولذا يتم استعمالها عادة ضمن مشروع علاقة علاجية يستفيد منها المعالج في فهم تشنجات الطفل وانفعالاته التي لا يستطيع التعبير عنها بطرق أخرى إما لأنها عنيفة ومهددة أو لأن الوسط العائلي لا يسمح لمثل هذا التفريغ .وما سنذكره ن العوامل المساعدة والمرشدة في قراءة عالم الطفل ولا يجب بأي حال الاعتماد عليها كحقائق ثابتة لايمكن تغييرها, إذ أنها تعبرلا يعطي إلا رسما أوليا ومعمما يساعد في قراءة الطفل, إلا أن قيمة هذا الرمز تزداد في مدلولياته إذا تكرر بشكل منتظم ونمطي في عدة رسوم أو نواحي تعبيرية حينها ينظر له بأنه يحمل الكثير من الكمون الانفعالي الذي يتوجب علينا تعميقه أو عدم تجاهله.
ونحن حين ندرس رسم طفل نعطي تركيزنا وانتباهنا إلى عدة نواحي وهي:
· الخط والمساحة الفراغية للصفحة:
o تكبير وتدوير الحركات والخطوط يرمز إلى الاسترخاء والانتعاش الداخلي.
o تعدد وغزارة العناصر والعلامات واتجاهها نحو الأعلى يرمز عادة إلى الحيوية والنشاط وهي عكس الاكتئاب والخمول.
o ضغط الخطوط والأشكال وتصغيرها ووضعها في الزاوية السفلية اليسرى يرمز عادة إلى بعد اكتئابي أو نقص في طاقات وحب الحياة.
o تمزق الخطوط أو الأشكال أو استعمال خطوط متقطعة أو منقطة يرمز إلى عدوانية كامنة.
o تنعيم الحواف وتنويع الحركات مع العناية في تمييز الأشكال عن بعضها البعض يشير إلى الحساسية والقابلية للأذية.
o حين يمرر الطفل القلم أكثر من مرة على خط معين أو منطقة من الشكل في الرسم وذلك إما لتظليل هذا الجزء أو لمسحه أحيانا ل جزئي, فإن هذا قد يشير إلى وجود مشكلة انفعالية لديه مثل القلق أو الخوف وبشكل خاص الخوف من رموز الجزء الذي قام بمسحه.
o أما رسم الخطوط بشكل خفيف وبدون ضغط للقلم فإنه يعكس شعورا بالأمان وتؤم جيد مع الوسط المحيط.
o أما بالنسبة لاستعمال مساحة الورقة , فإنه وبشكل عام الأطفال الذين يوزعون عناصر رسمهم على مساحة الورقة كلها وبشكل متناسق هم الأكثر طمأنينة وتوازنا.
o وقد جرت العادة على إعطاء مدلولات رمزية لمساحة الورقة, وذلك بالاستناد إلى محورين الأول منهما يمتد من الزاوية السفلية اليسرى إلى الزاوية العلوية اليمنى وهو محور( الاكتئاب – مقابل الحيوية والانشراح), أما القطب الثاني فهو يمتد من الأسفل للأعلى ويحمل رموز( الثقة بالنفس والاعتزاز – مقابل الانطوائية والخجل ) ولكن يجب الحذر هنا من إمكانية وجود خصائص ثقافية تعود لكون هذه المعطيات أخذت أساسا عن بيئة ثقافية غربية تعتمد على الكتابة من اليسار إلى اليمين ولسنا ندري إن كانت نفس المحاور يمكن اعتمادها في بيئتنا التي تعتمد نمط كتابة واستعمال للصفحة مختلف.
· الألوان:
o يكون بريق الألوان أكثر حيوية ولمعانا كلما كان عمر الطفل أصغر.
o يطغى اللون على الشكل لدى الطفل الصغير لغاية السنة السادسة أو السابعة.
o انعدام اللون في مساحة يعني عادة فراغا عاطفيا وأحيانا تم تفسيره بأنه ميول معادية للمجتمع أو القانون.
o الطفل المتوازن يستعمل عادة متوسط ( 5 ) ألوان في لوحته.
o لغاية سن 7-8 لا يكون هنالك أي ارتباط بين اللون المستعمل واللون الحقيقي لما هو مرسوم, فالطفل يستعمل هذا اللون لأنه معجب به فقط وليس لأنه يناسب هذا الموضوع أو يطابق الحقيقة.
o في سن 11-12 يكتشف الطفل بأن ألوان عنصر معين قد تختلف من وقت لآخر فالسماء ليست دائما زرقاء, والسهول قد تكون صفراء أو حتى رمادية.
· أشخاص الرسم وعلاقتها بالشخصية:
o الوجوه البشرية: ما يرسمه الطفل أولاً هو نفسه أو إدراكه لجسده ورغباته.
o رسم الحلم: يرسم الطفل بشكل تلقائي ما يحب وما يخاف وما يهتم به أو يطمح إليه, ولكن إذا كان قلقه وخوفه كبيرين فإنه عادة ما يلجأ إلى رموز يستعيرها من القصص والحكايات المألوفة والأساطير , وتكون الرموز متنوعة :
§ فالملك يرمز إلى صورة الأب المثالي العالمي الذي يفترضه.
§ والملكة إلى صورة الأم المثالية أيضاً.
§ الساحرة ترمز عادة إلى الأم السيئة أو العناصر السيئة في أمه.
§ والأمير يرمز به إلى نفسه والذي سيتزوج الأميرة وهي الجزء المثالي أو المحبوب منه لديه.
o الشجرة: وهي عادة موضوع مميز ومفضل في تحليل الشخصية لكونه يحتوي على رموز وعناصر واضحة المعالم, وهي ثلاثة:
§ الجذور: التي تتغلغل في الأرض وتعطي الغذاء وهي ترمز للعقل اللاواعي وللغرائز الفطرية الأولية.
§ الجذع أو الساق: وهو عنصر ثبات وقوة ويعبر عادة عن سمات الشخصية الثابتة والأساسية.
§ أما الأغصان والأوراق فإنها ترمز للطريقة التي يتفاعل فيها الشخص مع العالم من حوله.
o الشمس والقمر:
§ الشمس حاضرة دائماً في رسوم الأطفال وهي ترمز إلى الأمان والطمأنينة وحرارة العاطفة والقوة, ويعطيها بعض الكتاب رمز الأب المثالي للرموز سابقة الذكر, وأما إذا كان الطفل يخاف أباه وتهديده له فإن الشمس غالبا ما ترسم حمراء أو سوداء .
§ أما القمر فإنه غالبا ما يرتبط بفكرة الموت , إذ يظهر حين تغيب الشمس رمز الحياة الأبدي.
§ يجب هنا أيضا أن نتعامل بحذر مع هذه الرموز التي قد تختلف كليا من ثقافة لأخرى فاللغة العربية أعطت للشمس صفة أنثوية بينما أعطت للقمر مفردة مذكرة, وعادة لا يكون ذلك من قبيل الصدفة أو العبث.
§ السماء والأرض:لا يرسم الأطفال الحد الفاصل بين السماء والأرض إلا اعتبارا من سن 5-6 سنوات حين تظهر بدايات التفكير والمحاكمة المنطقية.
o الحيوانات:يتم عادة تحوير الميول العدوانية الداخلية وحرفها عن مسارها بعملية دفاعية تقليدية ومعروفة وهي الإسقاط, إذ يتم إعطاء صفات عدوانية هدامة وتهديدية لحيوانات وهي ترمز في الغالب إلى عدوانية مكبوتة لدى الطفل وهذه الرسوم حاضرة في الكثير من رسوم الأطفال وقصصهم ( كالذئب والغول … إلخ)
· رسم العائلة:
o التقارب بين شخصين أو أكثر في الرسم يدل على حميمية العلاقة بينهما سواء كانت حميمية ملحوظة منه أو مرغوبة لا شعورياً.
o عادة ما يرسم الطفل نفسه بالقرب من الشخص الذي يحبه الأكثر.
o الشخص الذي يكن له أكبر قدر من التقدير هو ذلك الذي قام برسمه في البداية, أو الأول
من اليسار أو ذلك الذي يحتل وسط الصفحة.
o الشخص الذي يحاول الطفل التقليل من قيمته أو تقديره له هو الشخص الذي لا يرسمه
في اللوحة أو أن يرسمه صغيرا أو في ركن مهمل من الرسم أو الشخص الذي تم مسحه بعد
أن بدأ رسمه, فالمسح هو علامة صراع وخلاف.
o أما الأشخاص الذين يتم إضافتهم من خارج الأسرة فهم ليسوا إلا نظائر أو توائم للطفل نفسه يفترضهم ويدخلهم بالأسرة على طريقته.